مجتمع

ترامب أم هاريس: لمن سيُصوِّت مسلمو أمريكا؟

يحاول السياسيون الأمريكيون اجتذاب أصوات الأقلية المسلمة في انتخابات الرئاسة؛ فالنظام الانتخابي الأمريكي الفريد تحظى فيه أصوات الأقليات بأهمية كبيرة.

future صورة تعبيرية (لمن سيصوت مسلمو أمريكا؟)

خلال الحملات الانتخابية الجارية في الولايات المتحدة يحاول السياسيون اجتذاب أصوات الأقلية المسلمة؛ فالنظام الانتخابي الأمريكي الفريد تحظى فيه أصوات الأقليات بأهمية كبيرة؛ خاصة أن المرشحَين دونالد ترامب وكامالا هاريس متقاربان في استطلاعات الرأي، مما يزيد من أهمية أصوات المجموعات الصغيرة كالمسلمين.

مسلمو أمريكا

يبلغ عدد المسلمين في الولايات المتحدة نحو 3.5 مليون نسمة، وهو ما يمثل نحو 1.1% من السكان؛ 82% منهم مواطنون أمريكيون؛ نصفهم تقريباً وُلدوا في الخارج، لكنهم حصلوا على الجنسية الأمريكية، ونحو ربع المسلمين الأمريكيين مواطنون أصليون وُلد آباؤهم في الولايات المتحدة وينتمون إلى أسر عاشت في البلاد لثلاثة أجيال أو أكثر، أي إن غالبية المسلمين من أصول مهاجرة، إما هم أنفسهم مهاجرون أو كان أحد الوالدين على الأقل مهاجراً، أتى أكثرهم من الدول الآسيوية، و20% منهم من ذوي البشرة السوداء.

يواجه المسلمون قدراً كبيراً من التمييز العنصري الذي يزداد بوجود عوامل أخرى كلون البشرة الأسود، وهناك بعض التجمعات الخاصة بهم في بعض المدن، وجمعيات ومنظمات تسعى لتجميع صفوفهم والحفاظ على هويتهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم.

أصوات المسلمين

لا يوجد تجمع معين يحشد أصوات المسلمين الأمريكيين في اتجاه واحد، بل تتنوع اتجاهاتهم التصويتية، وإن كانت الغالبية تُصوِّت لصالح الحزب الديمقراطي الذي يقبل التنوع والتعدد بشكل أكبر من نظيره الجمهوري؛ فقبل أربع سنوات أيَّد المسلمون في مختلف أنحاء البلاد المرشح الديمقراطي جو بايدن بأغلبية ساحقة بلغت 86% في مقابل 6% فقط أيَّدوا منافسه الجمهوري دونالد ترامب، وهناك 8% لم يُصوِّتوا أو اختاروا مرشحاً آخر.

لكن هذه المرة يبدو الأمر مختلفاً بسبب دعم بايدن لجرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة، فاجتذبت مرشحة حزب الخضر جيل ستاين، تأييد المسلمين بسبب موقفها الرافض للحرب على غزة. وستاين هي طبيبة يهودية تخرجت في كلية هارفارد للطب عام 1979. انضمت للحزب الديمقراطي ثم تركته وانضمت لحزب الخضر وحصلت على ترشيحه للانتخابات الرئاسية. اعتُقلت خلال مشاركتها في مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في جامعة واشنطن في أبريل الماضي، واليوم تترشح للرئاسة بصحبة نائب مسلم، وهو البروفيسور بوتش وير، الأستاذ بجامعة كاليفورنيا.

في منشور أعلنت فيه عن اختيارها لمنصب نائب الرئيس كتبت ستاين:

«هذه حقاً بطاقة تاريخية تجمع بين امرأة يهودية ورجل مسلم أسود ضد الإبادة الجماعية والحرب التي لا تنتهي وانهيار المناخ والظلم المتفشي، ومن أجل اقتصاد يعمل لصالح العمال، ومستقبل صالح لأطفالنا، وأمريكا وعالم يعمل لصالحنا جميعاً».

تكاد فرص ستاين في الفوز بالرئاسة تكون معدومة، لكنها تقول: «كل صوت يُدلى به لحملتنا هو تصويت ضد الإبادة الجماعية»، ولقد حظيت بشعبية كبيرة بين المسلمين، خاصةً أن زميلها في الترشح مسلم، ولمواقفها الداعمة لغزة، ودعوتها لوقف تصدير الأسلحة الأمريكية لإسرائيل، ومشاركتها في حركة الطلاب لإجبار الجامعات على سحب استثماراتها المشتركة مع إسرائيل.

حصلت ستاين في انتخابات 2016 على نحو 1% من الأصوات، لكن بعض الديمقراطيين ألقوا باللوم عليها في هزيمة مرشحتهم هيلاري كلينتون؛ لأنها سحبت كتلة تصويتية كان من المفترض أن تُصوِّت للحزب الديمقراطي، مما تسبب في خسارة الانتخابات بفارق ضئيل، وهذا السيناريو مرشح للتكرار في انتخابات 2024.

دعم متقارب

أظهرت الاستطلاعات أن دعم المسلمين لستاين وكامالا هاريس متساوٍ تقريباً، وتختلف النسبة من ولاية لأخرى؛ فمثلاً ولاية ويسكونسن حُسمت في انتخابات عام 2020 بفارق 20 ألف صوت فقط، ويسكن فيها حوالي 40 ألف ناخب مسلم، وهناك شك كبير في أن دعمهم للديمقراطيين لن يتكرر كما حدث مع الرئيس جو بايدن قبل أربع سنوات؛ فوفقاً لاستطلاع تم في أواخر أغسطس 2024، حصلت ستاين على 44% بين الناخبين المسلمين في ويسكونسن، مقارنة بـ 39% لهاريس و8% لترامب.

في ميشيغان، تحظى ستاين بدعم 40% من مسلمي الولاية، يليها ترامب بنسبة 18% وهاريس بنسبة 12%. كذلك تقدَّمت ستاين على هاريس بين مسلمي أريزونا التي انتصر فيها بايدن عام 2020 بفارق ضئيل عن ترامب. أما في نيفادا، فقد تقدم ترامب بنسبة 27% على هاريس، التي حصلت على 26%، ولم تستطِعْ ستاين الترشح هناك، بينما تقدمت هاريس على ترامب بين مسلمي بنسلفانيا، وكذلك جورجيا التي غابت ستاين عنها أيضاً.

هذه الولايات الست كلها متأرجحة تتطلع إليها الأبصار في كل انتخابات رئاسية؛ لأنها تحسم نتيجة السباق بخلاف الولايات الأخرى، التي غالباً ما تكون نتيجتها معروفة مسبقاً، وتسعى ستاين للترشح في الولايات التي لم يُدرَج اسمها بها حتى الآن.

الموقف من حرب غزة

تكتسب حرب غزة اهتماماً وتأثيراً كبيراً، ليس بين المسلمين فقط، بل بصفة عامة بين من تعود أصولهم للمنطقة العربية وجوارها. ورغم أن كامالا هاريس من أبرز المسئولين الأمريكيين الذين أظهروا التعاطف مع محنة غزة، وطالبت علانية بوقف الحرب وعدم إعادة احتلال القطاع، ودعمت حل الدولتين، فإنها لم توقف تدفق السلاح لتل أبيب، ولم تتخذ موقفاً عملياً يكافئ مواقفها الكلامية، ولم يُبدِ مساعدوها مواقف إيجابية مشجعة في لقاءاتهم مع المسلمين، مما أثار حنقهم عليها.

يرى المسلمون الغاضبون أن ستاين لن تصل إلى البيت الأبيض، لكن إذا خسر الحزب الديمقراطي بسبب دعمهم لها، فسيكون هذا درساً لقادته في المرة القادمة، لئلا يتجاهلوا الصوت الإسلامي مرة أخرى.

أما ممثلو ترامب فقد تحدَّثوا مع قادة الأقلية المسلمة، لاستغلال نقمتهم على الإدارة الديمقراطية بسبب موقفها من غزة، بل وعدوا بالتوصل إلى سلام في غزة فشلت الإدارة الديمقراطية الحالية في تنفيذه، وبطريقة أسرع مما تستطيع هاريس تحقيقه.

التأثير الإسلامي في الولايات المتحدة

يوجد في الولايات المتحدة أنشطة وتجمعات إسلامية مؤثرة، ويشرف نشطاء الأقلية على أنشطة خيرية كثيرة مثل بنوك الطعام المحلية وملاجئ المشردين والمستشفيات، وتبلغ هذه الأنشطة ذروتها خلال شهر رمضان؛ فالمسلمون الأمريكيون يتبرعون بما يُقدَّر بنحو 1.8 مليار دولار من الزكاة كل عام بحسب التقديرات، معظمها خلال شهر رمضان.

والسبب وراء كون غزة تشكل أولوية بالنسبة للمسلمين الأمريكيين، هو أن الولايات المتحدة تعتبر المُصدِّر الرئيسي للأسلحة التي تقتل الفلسطينيين. وبينما تدَّعي واشنطن دعم حل الدولتين، فإنها تُصوِّت ضد إقامة الدولة الفلسطينية، وتتخذ مواقف حادة لصالح الاحتلال.

ورغم ما سبق، فإن تأثير الأقلية المسلمة لا يُقارن – بأي حال من الأحوال - بالتأثير اليهودي الطاغي في واشنطن، ليس بسبب العدد فقط؛ إذ يبلغ عدد اليهود 7.5 مليون بما يمثِّل 2.4% من إجمالي سكان الولايات المتحدة، لكن لأسباب أخرى منها ضعف تنظيم المسلمين، بينما تسيطر جماعات الضغط الصهيونية على صنع القرار السياسي، ويُمسكون بمقاليد الاقتصاد الأمريكي، ويتغلغلون في المفاصل الحساسة للدولة، فيما تظل أكثر جهود المسلمين ومبادراتهم الناجحة فردية وعشوائية وغير مُنسَّقة على نطاق واسع.

# الانتخابات الأمريكية # الولايات المتحدة الأمريكية # دونالد ترامب # كامالا هاريس # انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024

من هو ماركو روبيو المرشح لمنصب وزير الخارجية الأمريكي؟
هيجسيث: وزير دفاع يكره المرأة في الجيش الأمريكي
فيلم «The Apprentice»: الحقيقة وراء دونالد ترامب

مجتمع